الحمد لله رب العالمين فاطر السموات والأرضين الذي جعلنا في خلقهما من المتفکرين فهدانا التفکر إلی وجود أحکم الحاکمين والصلوة علی أفضل الأولين والآخرين محمد سيد المرسلين وإمام المتقين وعلی آله الأکرمين وبعد فإن الأنظار الصائبة متوافقة والأفکار الثاقبة متطابقة علی أن أشرف أنواع الحکمة الوسطی أعني الریاضي هو العلم الموسوم بالهیئة الذي فاز بالسعادة عالمة وانغمس في الشقاوة جاهلة وفاق أمثاله من الفنون الحقیقة وعلا أشکاله من العلوم الحکمة إذ هو مع شرف موضوعاته الثابتة علی أحسن نظام وأتم دوام إیجاز له وثاقة براهینه العددیة والهندسیة وکثرة العلمیة والعملیة وکیف لا وقد اثنی التنزیل علی عالمیه بقوله جل ذکره الذین یذکرون الله قیاما وقعود أو علی جنوبهم ویتفکرون في خلق السموات والأرض زینا ما خلقت هذا باطلاً وکذلک فإن بطلمیوس حث في صدر الکتاب المجسطي علی صرف أکثر العمر في تحصيل العلوم النظرية لا سیما في الریاضي وخاصة في الهیئة المنسوب إلی الإمام المحقق والحبر المدقق شرف الملة والدین محمود بن محمد بن عمر الچغمیني تغمده الله برضوانه وأسکنه علی غرف جنانه مع ضعر(؟) حجة مشتملاً علی خلاصة ما ثبت في المجسطي بالحجج الساطعة والبراهین القاطعة التي لا یأتیه الباطل من بین یدیه ولا خلقه وقد کنت برهة في الزمان عازماً علی أن أکتب له شیئاً نقداً من الفوائد وشرحاً خالیاً عن الزواید مقرراً قواعد الفن بأوجز تقریر معبراً عن مقاصد القوم بأوضح تعبیر إلا أن قلة البضاعة یلزمني التقاعد و قصود الباع في صناعة یوجبني التباعد إلی أن استسعدت بتوفیق الله تع [=تعالی] بوقائه وعنایته وتأیید خلیفته في أرضه...